أخي المبتلى .. اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ

0


إن الحمد لله نحمده، ونستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

أخي المُبتَلى، أهمس في أذنيك بحبٍّ:
اصبِر، واسأل اللهَ مِن فضله، وارضَ بقضائه وقدره، واعلم أنه لن يصيبك إلا ما كتبه الله عليك؛ قال جلَّ شأنه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، واعلم أن قضاء الله كله لك خير؛ فالله أرحم بعباده من الأم بولدها، روى البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب أنه قال: قَدِم على النبي صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فإذا امرأة من السَّبْيِ تحلب ثديَها تسقي، إذ وجدت صبيًّا في السَّبْيِ أخذتْه، فألصقتْه ببطنها وأرضعتْه، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: ((أترون هذه طارحةً ولدها في النار؟)) قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحَه، فقال: ((لَلَّهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها)).

وعن ثعلبةَ البصري قال: قال لنا أنس بن مالك: لأحدثنَّكم بحديث لا يُحدِّثُكم به أحد بعدي: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسًا فضحك، وقال: ((أتدرون مم ضحكتُ؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((عجبتُ للمؤمن! إن الله - تبارك وتعالى - لا يقضي له قضاءً إلا كان خيرًا له)).

ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال:

فكم للهِ من لطفٍ خفيٍّ = يَدقُّ خفاه عن فهمِ الذكيِّ  

وكم يسرٍ أتى من بعد عسر = ففرَّجَ كربَةَ القلبِ الشجيِّ  

وكم أمرٍ تُساءُ به صباحًا  = وتأتيك المَسرَّةُ في العَشيِّ  

إذا ضاقت بك الأحوال يومًا  = فثِقْ بالواحدِ الفردِ العليِّ  

ولا تجزَعْ إذا ما ناب خَطْبٌ  = فكم لله من لطفٍ خفيِّ


فيا من ابتُليت في ولدك أو نفسك أو مالك أو زوجك، اعلم أن الله ما ابتلاك ليعذبك، وإنما ابتلاك ليمحِّصك؛ فاثبت وارضَ، واعلم أنه حكيم في قضائه، رحيم بعباده، واعلم أنه ما ابتلاك إلا لأنه أراد بك الخير كما عند البخاري وغيره قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ)).

عليك أخي المبتلى برفع أكف الضراعة إلى الله؛ فهو وحده من يُجيب المضطر، ويكشف الضر؛ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]، من الذي يفزعُ إليه المكروبُ، ويستغيثُ به المنكوب، وتصمدُ إليه الكائناتُ، وتسأله المخلوقاتُ، وتلهجُ بذكرِه الألسُنُ، وتُؤَلِّهُه القلوب؟ إنه اللهُ لا إله إلاَّ هو.



ضاقت، ولما استحكمَت حلقاتها = فُرِجتْ، وكنتُ أظنُّها لا تُفرَج!  


فصبرًا أخي صبرًا؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث هذه المدونة الإلكترونية

أرشيف المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الزوار الكرام

خدمة التدقيق اللغوي من منصة استكتب

مركز الأندلس للخدمات اللغوية والتعليمية

القدس

القدس

خدمة التدقيق اللغوي من خمسات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

Translate

اختر اللغة

جميع الحقوق محفوظه © أحمد بن سعيد

تصميم الورشه